حوار مع الكاتب الكبير خيري شلبي عن روايته الجديدة صحراء المم
كاتب الموضوع
رسالة
alcomanda Admin
عدد الرسائل : 182 تاريخ التسجيل : 01/01/2008
موضوع: حوار مع الكاتب الكبير خيري شلبي عن روايته الجديدة صحراء المم الثلاثاء فبراير 12, 2008 1:38 pm
روايته الجديدة صحراء المماليك تحكي تأثير السجن في النفس الروائي المصري خيري شلبي: مازلت أتهجّى كتاباتي
«الكتابة فعل مواجهة لا هروب» هكذا بادرنا الأديب الكبير خيري شلبي في بداية حواره لـ{الجريدة»، وبروح شبابية متوهجة قال شلبي إن الكتابة مواجهة مع المجتمع والسلطات والرقابة والعادات والتقاليد والموروثات القديمة، وهي مواجهة مع كلّ ما هو مستقر. عن روايته الجديدة التي مازالت قيد الطبع «صحراء المماليك» ووظيفة الأدب في المجتمع معه هذا الحوار:
هل تندرج روايتك الجديدة «صحراء المماليك» في إطار المواجهة لا الهروب كما سبق وذكرت؟
تتناول روايتي التعذيب في السجون وتتعرض لأحوال المسجونين وتأثير القيود الحديدية على أجسادهم وأرواحهم. والرواية تعد رحلة مؤلمة في عالم التعذيب خلال نصف قرن من الزمن منذ قيام ثورة يوليو في مصر وحتى الآن، وترصد علامات التعذيب وآثاره من خلال أحد الأشخاص الذين تناط بهم قيادة السجون وإرغام المتهمين على الإدلاء بالاعترافات الصحيحة وغير الصحيحة. فكيف لا تكون هي المواجهة بحد ذاتها.
لماذا اخترت هذه القضية الآن؟
تشغلني القضية منذ فترة بعيدة غير أن ما زاد إحساسي بها ما نشاهده راهناً من ارتفاع حدّة نبرة الحديث عن أوضاع السجون وأعمال التعذيب التي يتعرّض لها أشخاص داخل أقسام الشرطة المصرية. عموماً كانت الفكرة في داخلي وأخرجتها في رواية بمثابة مواجهة مع الواقع الذي امتلأ بأدواتٍ وأساليب جديدة للتعذيب ربما تكون أشدّ شراسة من الماضي.
لديك انتاجات أدبية كثيرة، هل ثمة سرّ في ذلك وكيف يطاوعك الإبداع؟
قدّمت أكثر من 80 كتاباً بينها أكثر من 25 رواية و15 مجموعة قصصية وكتب نقدية وتاريخية، وأشعر دوماً أنّ الرواية القادمة هي الأجمل والأفضل بالنسبة اليّ، ولدى الانتهاء منها أشعر بأن القادمة هي الأحلى وهكذا أستمر في الكتابة بهذا المعنى، وأعترف أنني مع كل كتابة أتعلّم أشياء جديدة أحاول تطبيقها في العمل القادم غير أنني بعد هذا العمل أشعر وكأنني أتعلّم الكتابة من بدايتها وكل ما سبق كان نوعاً من التدريبات والتمارين الكتابية. من هنا تظل رحلة الكاتب في البحث عن كتابة جيدة وتحميل المعاني التي يريدها وإخراجها هاجساً مؤرقاً وتظل عصية على المبدع دائماً لأنه كلما زاد وعيه ازداد شعوره بالقلق والبحث عن الكتابة الأجمل والرؤية الأعمق إذ ما من كاتب قنوع بكتاباته، وأنا مازلت أتهجّى كتاباتي.
تمتلك «ذخيرة حيّة» من الأماكن والبشر والأحداث، أيها يطغى على الآخر خلال الكتابة؟
في ذهني دائماً أن الإنسان ابن المكان، ولا زمان من دون مكان ولا أحداث من دون بشر. فحين يستوقفني كل ذلك أغوص إلى الجوهر مباشرة والمعنى الكامن وراء كل ذلك لأن طبائع البشر موجودة في المكان الذي يحمل ملامحهم وأحداثهم.
منذ رحيل الكاتب القدير نجيب محفوظ والحديث لا ينقطع عن مكانته الشاغرة وقد رشحك البعض لها، ما تعليقك؟
لا يستطيع أحد ملء المكانة التي خلّفها نجيب محفوظ في قلوب قرائه ومحبيه، وهو لن يتكرّر مرةً ثانية وأرفض هذه الترشيحات لأنّ كلّ مبدع يحمل خصوصيته ولا يوجد بدلاء في الأدب.
مسيرتك الأدبية الممتدة لأكثر من خمسين عاماً، هل تقف على تقييمها الآن؟
استشعر التقييم في عيون القراء والنقّاد، ومسيرتي تشكل انعكاساً لحياتي بشكل أو بآخر بعيداً عن السيرة الذاتية المباشرة، فقد شهدت نقلات وانقلابات حادة أحدثت لديّ شروخاً في الروح لكن لو كنت استسلمت لها لفنيت روحي منذ زمن، فقد حاولت ترميم كل ما حدث وخرجت بتجارب ثرية ما تزال رصيدي في الحياة والكتابة. على المستوى الاجتماعي على سبيل المثال شهدت انقلاب الحال بأسرتي من طبقة اجتماعية ميسورة إلى مكانة ووضعية أقلّ وعملت في أكثر من مهنة، واختلطت بعمال التراحيل وتعلّمت منهم كثيراً. ناهيك عن أنّ إقامتي فترة في المقابر قصة تضاف إلى تجربة الكتابة، حيث فهمت ذلك العالم عن قرب. أعجبتني فكرة الإقامة في المقابر التي تزامنت مع شعوري بعدم الاتساق مع المناخ الثقافي الذي ساد منذ فترة وكان خالياً من كلّ جديد وتقدّم مكتفياً بالجمود والدسائس فحسب.
وما رأيك في الواقع الأدبي الراهن؟
الواقع الحالي يزخر بتياراتٍ واتجاهات أدبية متعددة، لكن من أكثر الموجات التي أرفضها الكتابة عن الجسد، فقليل منها فقط يحوز الإعجاب، وقد انحسرت هذه الموجة. تلفتني المواهب الشابة التي تشكّل إضافةً وخطوة متقدمة لما حقّقه جيلنا في المجال الأدبي، لذا أتابع عن كثب معظم الإنتاج الجديد وألتقي دوماً بالشباب الواعد ومنهم محمد علاء الدين وسعد القرش ومحمد إبراهيم طه ونجوى شعبان ومي التلمساني وغيرهم. كذلك لا بدّ من التوقف أمام عطاء جيل الستينيات الذي لا يزال يقدم أعمالاً إبداعية لها مكانة خاصة في النسيج الثقافي.
كيف تنجح في الجمع بين السهولة والعمق في أسلوبك؟
الصراع الرئيسى للكاتب هو صراعه مع اللغة، وأهم النجاحات التي توصّل إليها الكتّاب بوجهٍ عام هو تخليص اللغة من شوائب البلاغة والمحسنات البديعية لتتحوّل إلى لغة رصينة، والمؤكد أننا وصلنا إلى ذلك نتيجة مجهودٍ حقيقي وتعب شديد، وأظن أن ذلك يتسق تمام الاتساق مع تقديم رؤية للعالم تتسم بالموضوعية.
هل تعتقد أنّ الأدب وسيلة لتغيير المجتمع؟
الأدب أداة للفهم وللوعي ومن ثم التغيير وعلى وسائل الإعلام أن تساهم في دفع الحركة الأدبية والثقافية، وأقول ذلك لأنّ وسائل الإعلام حلّت محل الحركة النقدية التي لا أعتقد بوجودها ولا أعتقد بوجود نقاد حقيقيين.
__________________
حوار مع الكاتب الكبير خيري شلبي عن روايته الجديدة صحراء المم